الكذب هو أصل الرذائل وصوره بيننا متنوعة، المنافق كاذب لأن لسانه ينطق بغيرما في قلبه والمتكبر كاذب لأنه يدعي لنفسه منزلة غير منزلته والفاسق كاذب لأنه كذب في دعوى الإيمان ونقض ما عاهد الله عليه والنمام كاذب لأنه لم يتق الله في فتنته فيتحرى الصدق في نميمته والمتملق كاذب لأن ظاهره ينفعك وباطنه يلذعك !
العجيب أن الكذب رذيلة هانت على الناس وأصبح الصادق في دنيانا كأنه من عجائب المخلوقات! يا سادة لا فرق بين كذب الأقوال وكذب الأفعال في تضليل العقول والعبث بالأهواء وخذلان الحق واستعلاء الباطل عليه ولا فرق بين أن يكذب الرجل فيقول: إني ثقة أمين لا أخون ولا أغدر فاقرضني مالاً ارده اليك ثم لا يؤديه بعد ذلك ، يأتيك بسبحة يهمهم بها فتنطق سبحته بما سكت عنه لسانه من دعوى الأمانة والوفاء فيخدعك في الثانية كما خدعك في الأولى، لا بل يستطيع كاذب الأفعال ان يخدعك ألف مرة لأنه لا يكتفي بقول الزور بلسانه بل يقيم قضيته علي بينة كاذبة يشارك فيها حركاته وسكناته توثيقا لكذبه !
عجبا لأمر الكاذب كيف ينسي قول رسول الله عليه الصلاة والسلام " إنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النار"، وقال الله تعالي في كتابه الكريم : (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ).
وللأمانة هنا لابد أن أذكر أن هناك ثلاث مواضع فقط يباح فيها الكذب وليست "كذبا أبيض" كما يدعيه بعض الكذابين إنما هو "كذب مباح " ألا وهي : الكذب للإصلاح بين المتخاصمين الكذب على الأعداء في الحروب الكذب لإرضاء الزوجة . هدية مني لك عزيزي القارئ وهي أبرز علامات تظهرعلى الكاذب حينما يكذب وهي: زيغ البصرحيث يتعمد الكاذب دائماً ازاغة بصره أثناء الحديث ويستخدم الكاذب عادة أقل عدد من الكلمات وهنـــاك أيضاً كذابون علي العكس من ذلك ليربكوا المستمع ويثبتوا صدق كذبهم ، كما أنهم يميلون الي التكلف العصبي وتمثيل الجدية خاصة في تعبيرات وجهه ويميلون عادةً إلى استخدام نفس الكلمات مرات متتالية وكذلك نفس المبررات ، أيضا يحاول الكاذب تجنب مسؤلية أفعاله ،باستخدام أسلوب التعميم كأن يسأل المدير الموظف عن سبب التاخر فيرد الموظف (كل الموظفين يتأخرون!) كما أن الكذاب يميل الي إطلاق كلمات الاستخفاف بالأخرين بأن ينسب لهم تصرفات وأقوال رديئة خصوصاً رذيلة الكذب التي هو مصــاب بها أما أهم صفات الكذاب أنه سريع النسيان وقد يفضح نفسه بنفسه ! الكذب ليس له لون ولو إضطررنا لتلوينه الإختيار الأمثل له هو اللون الأسود !
